الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال القرطبي: لا منافاة بين هذا وبين قوله ما المسؤول عنها بأعلم من السائل لأن مراده هنا أنه ليس بينه وبين الساعة نبي كما ليس بين السبابة والوسطى أصبع ولا يلزم منه علم وقتها بعينه لكن سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة وقال الكرماني: لا معارضة بين هذا وبين خبر إن اللّه عنده علم الساعة لأن علم قربها لا يستلزم علم وقت مجيئها عيناً. - (حم ق ت عن أنس) بن مالك (حم ق عن سهل بن سعد) الساعدي وفي الباب عن جابر وبريدة وغيرهما قال المصنف: وهذا متواتر. 3147 - (بعثت إلى الناس كافة) قال الإمام: يختص بالمكلف واعترض بأن البعثة لشخص لا يقتضي تكليفه بل يكفي جري أحكام الإسلام عليه كتوارث ونحوه وقيل تقتضي البعثة إلى الناس أن كل من سمعه منهم يجب عليه إذا عقل وبلغ اتباعه فشمل الطفل وغيره (فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب) كافة (فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش) الذين هم قومي (فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم) الذين هم آلي (فإن لم يستجيبوا لي فإليّ وحدي) أي فلا أكلف حينئذ إلا نفسي ولا يضرني مخالفة من أبى واستكبر - (ابن سعد) في الطبقات (عن خالد بن معدان مرسلاً). 3148 - (بعثت من خير قرون بني آدم) أي من خير طبقاتهم كائنين (قرناً فقرناً) طبقة بعد طبقة (حتى كنت من القرن [ص 203] الذي كنت فيه) إذ القرن أهل كل زمان من الاقتران لأنهم يقترنون في أعمارهم وأحوالهم في زمن واحد وحتى غائبة لبعثت وأراد به تقلبه في الأصلاب أباً فأباً حتى ظهر في القرن الذي وجد فيه فالفاء للترتيب في الفضل على الترقي تقرباً من أبعد آبائه إلى أقربهم فأقربهم كما في: خذ الأفضل فالأكمل واعمل الأحسن فالأجمل. - (ع) في صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه. 3149 - (بعثت بجوامع الكلم) أي القرآن سمي به لإيجازه واحتواء لفظه اليسير على المعنى الغزير واشتماله على ما في الكتب السماوية وجمعه لما فيها من العلوم السنية: وعلى تفنن واصفيه بحسنه * يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف (ونصرت بالرعب) أي الفزع يلقى في قلوب الأعداء قال ابن حجر: ليس المراد بالخصوصية مجرد حصول الرعب بل هو ما ينشأ عنه من الظفر بالعدو (وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) قال الزمخشري وغيره: أراد ما فتح على أمته من خزائن كسرى وقيصر لأن الغالب على نقود ممالك كسرى الدنانير والغالب على نقود قيصر الدراهم أقول وهذا يرجح الحديث الوارد في صدر الكتاب أتيت بمقاليد الدنيا إلخ أنه كان مناماً (فوضعت) بالبناء للمجهول أي المفاتيح (في يدي) بالإفراد وفي رواية بالتثنية أي وضعت حقيقة أو مجازاً باعتبار الاستيلاء عليها. - (ق ن عن أبي هريرة) قال أبو هريرة: فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنتم تنتشلونها أي تستخرجونها. 3150 - (بعثت بالحنيفية السمحة) أي الشريعة المائلة عن كل دين باطل قال ابن القيم: جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفة في التوحيد سمحة في العمل وضد الأمرين الشرك وتحريم الحلال وهما قربتان وهما اللذان عابهما اللّه في كتابه على المشركين في سورة الأنعام والأعراف (ومن خالف سنتي) أي طريقتي بأن شدد وعقد وتبتل وترهب (فليس مني) أي ليس من المتبعين لي العاملين بما بعثت به الممتثلين لما أمرت به من الرفق واللين والقيام بالحق والمساهلة مع الخلق قال الحرالي: إنما بعث بالحنيفية السمحة البيضاء النقية واليسر الذي لا حرج فيه - (خط عن جابر) بن عبد اللّه وفيه علي بن عمر الحربي أورده الذهبي في الضعفاء وقال صدوق ضعفه البرقاني ومسلم بن عبد ربه ضعفه الأزدي ومن ثم أطلق الحافظ العراقي ضعف سنده وقال العلائي: مسلم ضعفه الأزدي ولم أجد أحداً وثقه لكن له طرق ثلاث ليس يبعد أن لا ينزل بسببها عن درجة الحسن. 3151 - (بعثت بمداراة الناس) أي خفض الجناح ولين الكلمة لهم وترك الأغلاط عليهم فإن ذلك من أقوى أسباب الألفة واجتماع الكلمة وانتظام الأمر وهي غير المداهنة كما سبق ويجيء. - (طب عن جابر) قال: لما نزلت سورة براءة قال ذلك وفيه عبد اللّه بن لؤلؤة عن عمير بن واصل قال في لسان الميزان يروي عنه الموضوع وعمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع وفيه أيضاً مالك بن دينار الزاهد أورده الذهبي في الضعفاء ووثقه بعضهم. 3152 - (بعثت بين يدي الساعة) مستعار مما بين يدي جهة الإنسان تلويحاً بقربها والساعة هنا القيامة وأصلها قطعة من [ص 204] الزمان (بالسيف) خص نفسه به وإن كان غيره من الأنبياء بعث بقتال أعدائه أيضاً لأنه لا يبلغ مبلغه فيه أقول ويحتمل أنه إنما خص نفسه به لأنه موصوف بذلك في الكتب فأراد أن يقرع أهل الكتابين ويذكرهم بما عندهم أخرج أبو نعيم عن كعب خرج قوم عماراً وفيهم عبد المطلب ورجل من يهود فنظر إلى عبد المطلب فقال: إنا نجد في كتبنا التي لم تبدل أنه يخرج من ضئضئى هذا من يقتلنا وقومه قتل عاد (حتى يعبد اللّه تعالى وحده لا شريك له) أي ويشهد أني رسوله وإنما سكت عنه لأنهم كانوا عبدة أوثان فقصر الكلام على الأهم في المقام (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) قال الديلمي: يعني الغنائم وكان سهم منها له خاصة يعني أن الرمح سبب تحصيل رزقي قال العامري: يعني أن معظم رزقه كان من ذلك وإلا فقد كان يأكل من جهات أخرى غير الرمح كالهدية والهبة وغيرهما وحكمة ذلك أنه قدوة للخاص والعام فجعل بعض رزقه من جهة الاكتساب وتعاطي الأسباب وبعضه من غيرها قدوة للخواص من المتوكلين وإنما قال تحت ظل رمحي ولم يقل في سنان رمحي ولا في غيره من السلاح لأن رايات العرب كانت في أطراف الرماح ولا يكون في إقامة الرماح بالرايات إلا مع النصر وقد نصر بالرعب فهم من خوف الرمح أتوا تحت ظله ولأنه جعل السنان للجهاد وهو أكبر الطاعات فجعل له الرزق في ظله أي ضمنه وإن كان لم يقصده كذا ذكره ابن أبي جمرة ولا يخفى تكلفه (وجعل الذل) أي الهوان والخسران (والصغار) بالفتح أي الضيم (على من خالف أمري) فإن اللّه تعالى خلق خلقه قسمين علية وسفلة وجعل عليين مستقراً لعليه وأسفل سافلين مستقراً لسفله وجعل أهل طاعته وطاعة رسوله الأعلين في الدارين وأهل معصيته الأسفلين فيها والذلة والصغار لهؤلاء وكما أن الذلة مضروبة على من خالف أمره فالعز لأهل طاعته ومتابعيه - (حم ع طب) وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن ثابت عن ثوبان وثقه ابن المديني وأبو حاتم وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات وذكره البخاري في الصحيح في الجهاد تعليقاً وفي الباب أبو هريرة وغيره. 3153 - (بعثت داعياً) بحذف مفعوله للتعميم وفاعله تعظيماً وتفخيماً أي بعثني اللّه داعياً لمن يريد هدايته (ومبلغاً) ما أوحاه اللّه إليّ إلى الخلق (وليس إلي من الهدى شيء) لأني عبد لا أعلم المطبوع على قلبه من غيره قال الزمخشري: وقد جاء بما يسعدهم إن اتبعوه ومن لم يتبعه فقد ضيع نفسه ومثاله أن يفجر اللّه عيناً غديقة فيسقي ناس زرعهم وماشيتهم بمائها فيفلحوا ويبقى ناس مفرطون عن السقي فيضيعوا فالعين المعجزة في نفسها نعمة من اللّه ورحمة للفريقين لكن الكسلان حرم نفسه ما ينفعها كذا قرره (وخلق) لفظ رواية العقيلي وجعل (إبليس مزيناً) للدنيا والمعاصي ليضلّ بها من أراد اللّه إضلاله (وليس إليه من الضلالة شيء) فالرسل إنما هم مستجلبون لأمر جبلات الخلق فطرهم فيبشرون من فطر على خير وينذرون من جبل على شر والشيطان إنما ينشر حبائله لأمر جبلات الخلق كما تقرر فكلا الفريقين لا يستأنفون أمراً لم يكن بل يظهرون أمراً كان مغيباً وكذا حال كل إمام وعالم في زمنه ودجال وضلال في أوانه فإنما يميز كل منهما الخبيث من الطيب. - (عق) عن محمد بن زكريا البلخي عن عيسى بن أحمد البلخي عن إسحاق [ص 205] ابن الفرات عن خالد بن عبد الرحمن بن الهيثم عن سماك عن طارق عن عمر ثم قال مخرجه العقيلي خالد ليس بمعروف بالنقل وحديثه غير محفوظ ولا يعرف له أصل (عن عمر) بن الخطاب ثم قال: أعني ابن عدي في قلبي من هذا الحديث شيء ولا أدري سمع خالد من سماك أم لا؟ ولا أشك أن خالداً هذا هو الخراساني فالحديث مرسل عن سماك انتهى. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن خالداً روى له أبو داود ووثقه ابن معين قال: وحينئذ فليس في الحديث إلا الإرسال اهـ. وقال الذهبي: خالد بن عبد الرحمن قال الدارقطني: لا أعلمه روى غير هذا الحديث الباطل ثم ساق هذا بلفظه وسنده. 3154 - (بعثت مرحمة) للعالمين (وملحمة) يعني بالقتال قال في الفردوس: الملحمة المقتلة (ولم أبعث تاجراً) أي أحترف بالتجارة (ولا زارعاً) وفي رواية ولا زراعاً صيغة مبالغة (ألا) حرف تنبيه كما سبق (وإن شرار الأمة) أي من شرارهم (التجار والزارعون إلا من شح على دينه) أي أمسك عليه ولم يفرط في شيء من أحكامه بإهمال رعايته قيل أراد تجار الخمر وقيل أعم والمراد من ينفق سلعته بالأيمان الكاذبة أو لا يتوقى الربا ونحو ذلك وعلى نقيضه يحمل مدحه للتجارة في عدة أخبار. - (حل) عن عبد اللّه بن محمد عن صالح الوراق عن عمرو بن سعيد الحمال عن الحسين بن حفص عن سفيان عن أبي موسى السمالي عن وهب (عن ابن عباس) ورواه ابن عدي أيضاً من طريق آخر فحكاه عنه ابن الجوزي ثم حكم بوضعه فتعقبه المؤلف بوروده من طريق أخرى وهو طريق أبي نعيم هذا وبأن الدارقطني خرجه في الأفراد من طريق ثالث فينجبر. 3155 - (بغض بني هاشم والأنصار كفر) أي صريح أن بغض بني هاشم من حيث كونهم قرابة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبغض الأنصار من حيث كونهم ناصروه وظاهروه (وبغض العرب نفاق) أي لا يصدر بغضهم إلا عن نوع نفاق إما في الإعتقاد أو في العمل المنبعث عن هوى النفس ونصيب الشيطان فإنهم إنما شرفوا بالدين وخير الناس وأفضلهم في الدين كانوا من العرب وهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم سيد الناس وسيد كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وإذا كان هؤلاء خيار الناس وهم من العرب صار للعرب بهم الشرف أما أوائلهم فلأنهم كانوا سبباً لنصرة هذا الدين وأما من بعدهم فلكونهم نسلهم فصح لهم الشرف ورجع الشرف إلى الدين. - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم وأعاده في محل آخر بعينه وقال رجاله ثقات وقال شيخه الزين العراقي في القرب حديث حسن صحيح ورواه مسلم بمعناه. 3156 - (بكاء المؤمن) ناشئ (من قلبه) أي من حزن قلبه (وبكاء المنافق من هامته) أي رأسه يرسله منها متى شاء فهو يملك إرساله دفعة كما سيجيء في خبر قال الصلاح الصفدي: رأيت من يبكي بإحدى عينيه ثم يقول لها قفي فتقف دمعها ويقول للأخرى ابك أنت فيجري دمعها ورأيت آخر له محبوب فإذا قال له ابكي بكى وإذا قال له وهو في وسط البكاء اضحك ضحك ورأيت من يبكي بإحدى عينيه والنفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر وإن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر وإلا فهو نفاق العمل ويدخل فيه الفعل والترك وتتفاوت مراتبه كذا في مختصر الفتح. - (عق طب حل عن حذيفة) وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال العقيلي والأزدي: منكر الحديث ثم ساق له العقيلي هذا قال في لسان [ص 206] الميزان ويشبه أن يكون موضوعاً اهـ. فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه العقيلي خرجه ساكتاً عليه غير صواب. 3157 - (بكروا بالإفطار) أي تقدموا به وقدموه في الوقت وقت الفطر قال الديلمي: والتبكير التقدم في أول الوقت وإن لم يكن أول النهار (وأخروا السحور) أي أوقعوه آخر الليل ما لم يؤد إلى شك في طلوع الفجر فإنه أعظم للأجر. - (عد عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي في الفردوس أيضاً. 3158 - (بكروا في الصلاة في يوم الغيم) أي حافظوا عليها وقدموها فيه لئلا يخرج الوقت وأنتم لا تشعرون وإخراج الصلاة عن وقتها عظيم الجرم جداً لا سيما العصر كما يشير إليه قوله (فإنه) أي الشأن (من ترك صلاة العصر حبط عمله) أي بطل ثوابه وليس ذلك من إحباط ما سبق من عمله فإنه في حق من مات مرتداً بل يحمل الحبوط على نقصان عمله في يومه ذلك وحمله الدميري على المستحل أو من تعود الترك أو على حبوط الأجر. - (حم ه حب عن بريدة) بن الحصيب الأسلمي وظاهر صنيع المصنف أن ذا ليس في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول عجيب مع كونه كما قال الديلمي وغيره في البخاري عن بريدة باللفظ المزبور. 3159 - (بلغوا عني) أي انقلوا عني ما أمكنكم ليتصل بالأمة نقل ما جئت به (ولو) أي ولو كان الإنسان إنما يبلغه مني أو عني (آية) واحدة من القرآن وخصها لأنها أقل ما يفيد في باب التبليغ ولم يقل ولو حديثاً إما لشدة اهتمامه بنقل الآيات لأنها المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات ولأن حاجة القرآن إلى الضبط والتبليغ أشد إذ لا مندوحة عن تواتر ألفاظه وإما للدلالة على تأكد الأمر بتبليغ الحديث فإن الآيات مع كثرة حملتها واشتهارها وتكفل حفظ اللّه لها عن التحريف واجبة التبليغ فكيف بالأحاديث فإنها قليلة الرواة قابلة للإخفاء والتغير؟ ذكره القاضي البيضاوي، وقال الطيبي: بقوله بلغوا عني يحتمل أن يراد باتصال السند بنقل عدل ثقة عن مثله إلى منتهاه لأن التبليغ من البلوغ وهو انتهاء الشيء إلى غايته وأن يراد أداء اللفظ كما سمعه من غير تغيير والمطلوب بالحديث كلا الوجهين لوقوع قوله بلغوا عني مقابلاً لقوله الآن حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إذ ليس في التحديث ما في التبليغ من الحرج والضيق ويعضد هذا التأويل آية - (حم خ) في بني إسرائيل (ت) في العلم (عن ابن عمر). 3160 - (بلوا أرحامكم) أي أندوها بما يجب أن تندى به وواصلوها بما ينبغي أن توصل به (ولو بالسلام) يقال الوصل بلل يوجب الالتصاق والاتصال والهجر يفضي إلى التفتت والانفصال. قال الزمخشري: استعار البلل للوصل كما يستعار اليبس للقطيعة لأن الأشياء تختلط بالنداوة وتتفرق باليبس وقال الطيبي: شبه الرحم بالأرض الذي إذا وقع الماء عليها وسقاها حق سقيها أزهرت ورؤيت فيها النضارة فأثمرت المحبة والصفاء وإذا تركت بغير سقي يبست وبطل نفعها فلا تثمر إلا البغض والجفاء ومنه قولهم سنة جماد أي لا مطر فيها وناقة جماد أي لا لبن فيها وقال الزين العراقي: بين به أن الصلة والقطيعة درجات فأدنى الصلة ترك الهجر وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مندوب. - (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه يزيد بن عبد اللّه بن البراء الغنوي وهو ضعيف (طب عن أبي الطفيل) بضم المهملة عامر بن واثلة بمثلثة مكسورة الليثي الكناني ولد عام أحد وكان من شيعة عليّ قال الهيثمي: فيه راو لم يسم (هب عن أنس) بن مالك (وسويد) بضم المهملة (بن عمرو) الأنصاري قتل يوم موته قال البخاري: طرقه كلها ضعيفة ويقوي بعضها بعضاً. 3161 - (بنو هاشم وبنو المطلب كشيء واحد) أي كشيء واحد في الكفر والإسلام ولم يخالف بنوا المطلب بني هاشم أصلاً بل ذبوا عنهم بعد البعثة وناصروهم فلذا شاركوهم في خمس الخمس وجعلوا من ذوي القربى وأما عبد شمس ونوفل فإنهما وإن كانوا أخوي هاشم والمطلب فأولادهم خالفوا آباءهم فحرموا من الخمس وروى سي بسين مهملة وياء مشددة أي كل منهما مقترن بالآخر ملتصق به والسي المثل والنظير يعني هما سواء نظراء أكفاء قال الخطابي: وهذه الرواية أجود ولم يبين وجهه وقال الدماميني: هما سواء. (تتمة) قال ابن جرير: كان هاشم توأم عبد شمس خرج ورجله ملصقة برأس عبد شمس فما خلص حتى سال بينهما دم فأول بأن يكون بينهما حروب فكان بين بني أمية وبين بني العباس ما كان. - (طب عن جبير بن مطعم) قال: لما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سهم ذوي القربى بينهما قلت أنا وعثمان: يا رسول اللّه أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة فذكره ثم ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأعلى [ص 208] من الطبراني وهو عجب فقد خرجه الإمام الشافعي من عدة طرق عن جبير بل عزاه في الفردوس لأمير المحدثين البخاري ثم رأيته فيه في كتاب الجهاد بأداة الحصر ولفظه إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد. 3162 - (بني الإسلام) بالبناء للمفعول أي أسس واستعمال الموضوع للمحسوس في المعاني مجاز علاقته المشابهة شبه الإسلام ببناء محكم وأركانه الآنية بقواعد ثابتة محكمة حاملة لذلك البناء فتشبيه الإسلام بالبناء استعارة ترشيحية (على) دعائم وأركان (خمس) وهي خصاله المذكورة قيل المراد القواعد ولذلك خلت عن التاء ولو أريد الأركان لالتحقت ونوزع بأن في رواية مسلم خمسة وهي صريحة في إرادة الأركان وتقدير خمس وصفاً أقرب من تقديره مضافاً لجواز حذف الموصوف إذا علم بخلاف المضاف إليه (شهادة) يجره مع ما بعده بدلاً من خمس وهو أولى ويصح رفعه بتقدير مبتدأ أي هي أو أحدها أو خبر أي منها ونصبه بإضمار أعني وخص الخمس بكونها أركانه ولم يذكر معها الجهاد مع كونه ذروة سنامه لأنها فروض عينية وهو كفاية ولأن فرضيته تنقطع بنزول عيسى عليه السلام بخلاف الخمس (أن لا إله إلا اللّه) في رواية إيمان باللّه ورسوله (وأن محمداً رسول اللّه) أخذ منه أبو الطيب أنه يشترط في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد عليه بالرسالة ولم يتابع مع اتجاهه قال ابن حجر رحمه اللّه: لم يذكر الإيمان بالملائكة وغيره مما هو في خبر جبريل عليه السلام لأنه أراد بالشهادة تصديق الرسول صلى اللّه عليه وسلم بكل ما جاء به فيستلزم ذلك (وإقام) أصله إقامة حذفت تاؤه للازدواج (الصلاة) أي المداومة عليها (وإيتاء) أي إعطائها (الزكاة) أهلها فحذف للعلم به ورتب هذه الثلاثة في جميع الروايات لأنها وجبت كذلك وتقديماً للأفضل فالأفضل (وحج البيت) أي الكعبة (وصوم رمضان) لم يذكر فيهما الاستطاعة لشهرتها ووجه الحصر أن العبادة إما بدنية محضة كصلاة أو مالية محضة كزكاة أو مركبة كالأخيرين وأفاد ببناء الإسلام عليها أن البيت لا يثبت بدون دعائمه وليست هي إلا هذه الخمس وما بقي من شعب الإيمان المذكور في حديثه المار تجري مجرى تحسين البناء وتكميله والشهادتان هما الأساس الكلي الحامل لجميع ذلك البناء ولبقية تلك القواعد. - (حم ق ت ن) في الإيمان كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المناوي: وقع في جامع الأصول أن ذا لفظ مسلم خاصة ولفظ الشيخين غيره وقد انعكس عليه بل هو لفظ الصحيحين. 3163 - (بورك لأمتي في بكورها) يوم الخميس هكذا ساقه ابن حجر في الفتح عازياً للطبراني فكأنه سقط من قلم المصنف وفي رواية أخرى بعد بكورها قال ابن حجر: هذا لا يمنع جواز التصرف في غير وقت البكور وإنما خص البكور بالبركة لكونه وقت النشاط ثم قال أعني ابن حجر وأما حديث بورك لأمتي في بكورها أي بدون ذكر الخميس فأخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان من حديث صخر الغامدي بغين معجمة هكذا ذكره في الفتح في تضاعيف أفعال الجهاد. - (طس) من حديث عبد اللّه بن جعفر عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: حديث ضعيف أخرجه الطبراني من حديث نبيط بنون وموحدة مصغراً (عبد الغني في) كتاب (الإيضاح) أي إيضاح الأشكال (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الديلمي: وفي الباب جابر بن عبد اللّه. 3164 - (بول الغلام) أي الذي لم يطعم غير لبن للتغذي ولم يعبر حولين (ينضح) أي يرش بماء يغلبه وإن لم يسل لأنه حالتئذ ليس لبوله عفونة يفتقر في إزالتها إلى مبالغة (وبول الجارية) أي الأنثى (يغسل) وجوباً كسائر النجاسات لأن [ص 209] بولها لغلبة البرد على مزاجها أغلظ وأنتن قال القاضي: المراد من النضح رش الماء بحيث يصل إلى جميع موارد البول من غير جري والغسل إجراء الماء على موارده والفرق بين الذكر والأنثى أن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرد على مزاجها أغلظ وأنتن فتفتقر إزالته إلى مزيد مبالغة بخلافه وقيل الفرق أن نجاستها مكدرة لأنها تخالط رطوبة فرجها في الخروج وهي نجسة أي عند بعض العلماء في حديث عمرو بن شعيب. - (ه عن أم كرز) بضم أوله وسكون الراء بعدها زاي الكعبية المكية صحابية لها أحاديث قال مغلطاي: فيه انقطاع بين عمرو وأم كرز كما نص عليه في تهذيب الكمال في غير ما موضع وقال النقاش: عمرو ليس تابعياً. 3165 - (بيت لا تمر فيه جياع أهله) لكونه أنفس الثمار التي بها قوام النفس والأبدان مع كونه أغلب أقوات الحجاز وفي رواية لابن ماجه بسند جيد كما قاله زين الحفاظ بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه اهـ كان عن غير الغالب أخلى فيجوع أهله قال القرطبي: ويصدق هذا على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد وبكون الغالب فيه صنفاً واحداً فيقال على بلد ليس فيه إلا البر بيت لا بر فيه جياع أهله فكأن التمر إذ ذاك قوتهم كما تقوله أهل الأندلس بيت لا تين فيه جياع أهله وبقول أهل إيلان بيت لا رب فيه جياع أهله قال ابن العربي رحمه اللّه تعالى: وأنا أقول ما يناسب الخلقة والشرعة وتصدقه التجربة بيت لا زبيب فيه جياع أهله وأهل كل قطر يقولون في قوتهم مثله وقال الطيبي: الحديث يحمل على الحث على القناعة في بلاد يكثر فيه التمر يعني بيت فيه تمر وقنعوا به لا يجوع أهله وإنما الجائع من ليس عنده تمر وفيه تنبيه على مصلحة تحصيل القوت وادخاره. - (حم م د ت ه) كلهم في الأطعمة (عن عائشة) ذكر الترمذي في العلل عن البخاري أنه قال لا أعرفه إلا من حديث يحيى بن حسان بن سليمان بن بلال. 3166 - (بيت لا صبيان فيه) يعني لا أطفال فيه ذكوراً أو إناثاً (لا بركة فيه) ظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو الشيخ [ابن حبان] بيت لا خل فيه قفار أهله وبيت لا تمر فيه جياع أهله اهـ. - (أبو الشيخ [ابن حبان]) في الثواب (عن ابن عباس) وفيه عبد اللّه بن هارون الفروي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: له مناكير واتهمه بعضهم أي بالوضع وقدامة بن محمد المدني خرجه ابن حبان. 3167 - (بيع المحفلات) أي المجموعات اللبن في ضروعها لإيهام كثرة لبنها (خلابة) أي غش وخداع (ولا تحل الخلابة لمسلم) يعني لا يحل لمسلم أن يفعلها مع غيره ويثبت للمشتري الخيار. - (حم ه عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضاً ابن أصبغ قال عبد الحق: روي مرفوعاً وموقوفاً وقال ابن القطان: وهذا منه مسالمة الحديث كأنه لا عيب فيه إلا إن وقف ورفع وذا منه عجب فإن الحديث في غاية الضعف ثم أطال في بيانه. 3168 - (بين كل أذانين) أي أذان وإقامة فحمل أحد الاسمين على الآخر شائع سائغ كالقمرين ذكره الزمخشري وتبعه القاضي فقال: غلب الأذان على الإقامة وسماها باسم واحد قال غيره: لا حاجة لارتكاب التغليب فإن الإقامة أذان حقيقة لأنها إعلام بحضور الوقت للصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت فهو حقيقة لغوية وتبعه الطيبي وقال: الاسم لكل منهما حقيقة لغوية إذ الأذان لغة الإعلام فالأذان إعلام بحضور الوقت والإقامة إيذان بفعل الصلاة (صلاة) أي وقت صلاة والمراد صلاة نافلة ونكرت لتناول كل عدد نواه المصلي من النفل وإنما لم يجر على ظاهره [ص 210] لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة والخبر نطق بالتخيير بقوله (لمن شاء) أن يصلي فذكره دفعاً لتوهم الوجوب قال المظهر: وإنما حرض أمته على صلاة النفل بين الأذانين لأن الدعاء لا يرد بينهما ولشرف هذا الوقت وإذا كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة فيه أكثر وبقية الخبر عند البخاري وغيره ثلاثاً قال ابن الجوزي: فائدة هذا الحديث أنه يجوز أن يتوهم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أذن لها فبين أن التطوع بين الأذان والإقامة جائز. - (حم ق 4 عبد اللّه بن مغفل) كلهم في كتاب الصلاة. 3169 - (بين كل أذانين صلاة إلا المغرب) فإنه ليس بين أذانها وإقامتها صلاة بل يندب المبادرة إلى المغرب في أول وقتها فلو استمرت المواظبة على الاشتغال بغيرها كان ذلك ذريعة إلى مخالفة إدراك أول وقتها ولم تكن الصحابة يصلون بينهما بل كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان ويفرغون مع فراغه وعند الشافعية وجه رجحه النووي ومن تبعه أنه يسن صلاة ركعتين قبلها. قال في شرح مسلم: قول من قال إن فعلهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها ممنوع انتهى. - (البزار) في مسنده عن عبد الواحد بن غياث عن حبان بن عبيد اللّه عن عبد اللّه بن بريدة (عن) أبيه (بريدة) ثم قال البزار: لا نعلم رواه إلا حبان وهو بصري مشهور لا بأس به قال الهيثمي في موضع: لكنه اختلط وفي آخر فيه حبان بن عبد اللّه ضعفه ابن عدي وقيل: إنه اختلط انتهى وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: تفرد به حبان وهو كذاب كذبه الفلاس وتعقبه المؤلف بأن الذي كذبه الفلاس غير هذا. 3170 - (بين) وفي رواية لمسلم إن بين (الرجل) أراد الإنسان وإنما خص الرجل لأن الخطاب معه غالباً (وبين الشرك) باللّه (والكفر) عطف عام على خاص إذ الشرك نوع من الكفر وكرر بين تأكيداً والتعبير بالواو هو ما وقع في جميع الأصول وعند أبي عوانة وأبي نعيم أو الكفر (ترك الصلاة) أي تركها وصلة بين العبد وبين الكفر يوصله إليه. - (م) في كتاب الإيمان (د ت ه عن جابر) ولم يخرجه البخاري. 3171 - (بين الملحمة) بفتح الميمين الحرب ومحل القتال من اشتباك الناس واختلاطهم أو من اللحم لكثرة لحوم الموتى (وفتح المدينة) القسطنطينية (ست سنين ويخرج المسيح الدجال في السابعة) قال ابن كثير: يشكل بخبر الملحمة الكبرى وفتح المدينة وخروج الدجال في سبعة أشهر إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين وبين آخرها وفتح المدينة مدة قريبة تكون مع خروج الدجال في سبعة أشهر. - (حم د) في الملاحم (ه) في الفتن (عن عبد اللّه بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة كما مر قال المناوي: وفيه بقية وفيه مقال انتهى وأقول فيه أيضاً سويد بن سعيد. 3172 - (بين الركن والمقام ملتزم ما يدعو به صاحب عاهة إلا برئ) يعني استجاب دعاءه وأبرأه من عاهته وفي رواية للطبراني أيضاً بين الركن والمقام ملتزم من دعى اللّه عز وجل من ذي حاجة أو ذي كربة أو ذي غم فرج اللّه عنه. - (طب عن ابن عباس) 3173 - (بين العبد والجنة) أي دخولها (سبع عقبات) جمع عقبة كذا في نسخ ثم رأيت خط المصنف عقاب (أهونها [ص 211] الموت وأصعبها الوقوف بين يدي اللّه تعالى) في الموقف الأعظم يوم الفزع الأكبر (إذا تعلق المظلومون بالظالمين) قائلين يا ربنا أنت الحكم العدل فاقتص لنا منهم وهذا قد يشكل بخبر القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أهون. - (أبو سعد النقاش) بفتح النون وقاف مشددة وشين معجمة نسبة إلى نقش الحيطان والسقوف (في معجمه) أي معجم شيوخه (وابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك. 3174 - (بين يدي الساعة) أي قدامها وأصله أن يستعمل في مكان يقابل صدر الشخص وبين يديه ثم نقل إلى الزمن (أيام الهرج) أي قتال واختلاط والساعة الوقت التي تقوم فيه القيامة وهي ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم. - (حم طب عن خالد بن الوليد) 3175 - (بين يدي الساعة فتن) أي حروب وفساد في الأهواء والاعتقادات والمذاهب والمناصب (كقطع الليل المظلم) أي فتن مظلمة سوداء فظيعة جداً وقطع الليل طائفة منه زاد أحمد وأبو يعلى والطبراني يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا يسير انتهى قال الحسن: فواللّه لقد رأيناهم صوراً ولا عقولاً وأجساماً ولا أحلاماً فراش نار وذباب طمع يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين يبيع أحدهم دينه بثمن العنز. - (ك عن أنس) بن مالك وفي الباب النعمان بن بشير. 3176 - (بين يدي الساعة مسخ) قلب الخلقة من شيء إلى شيء أو تحويل الصورة إلى أقبح منها أو مسخ القلوب (وخسف) أي غور في الأرض (وقذف) أي رمي بالحجارة من جهة السماء قال التوربشتي: هذا من باب التغليظ والتشديد. - (ه عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضاً أبو نعيم في الحلية وقال: غريب من حديث النووي لم يكتبه إلا من إبراهيم بن بسطام عن مؤمل. 3177 - (بين العالم) أي العامل بعلمه (والعابد) غير العالم (سبعون درجة) يعني أن العالم فوقه بسبعين منزلة في الجنة وفي رواية للأصبهاني في الترغيب مئة درجة ولا تدافع لامكان أنه أراد بالسبعين هنا التكثير لا التحديد أو أن ذلك يختلف باختلاف أشخاص العلماء والعباد. - (فر عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو نعيم أيضاً قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف من طريقه. 3178 - (بين كل ركعتين تحية) الظاهر أن المراد في كل ركعتين تشهدا يعني أن الأحب في النفل أن يتشهد في كل ركعتين والوصل مفصول بالنسبة إليه. - (هق عن عائشة) 3179 - (بئس) كلمة جامعة للمذام مقابلة لنعم الجامعة لوجوه المدائح كلها قاله الحرالي (العبد عبد تخيل) بخاء معجمة أي تخيل في نفسه شرفاً وفضلاً على غيره (واختال) تكبر من الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب يقال اختال فهو مختال [ص 212] وفيه خيلاء ومخيلة أي كبر (ونسي) اللّه (الكبير المتعال) أي ونسي أن الكبرياء والتعالي ليس إلا للواحد القهار (بئس العبد عبد تجبر) من الجبروت فعلوت من الجبر القهر بأن احتشى من الشهوات وجبر الخلق على هواه فيها فصار ذلك عادة له (واعتدى) في جبريته فمن خالف هواه قهره بقتل أو غيره (ونسي الجبار الأعلى) الذي له الجبروت الأعظم وقد صغرت الدنيا بمن فيها من الخلق والخليقة في جنب جبروته (بئس العبد عبد سها) بالأماني مستغرقاً في شؤون هذا الحطام الفاني (ولها) بالإكباب على الشهوات والاشتغال باللهو واللعب أو ربما لا يعنيه عما خلق لأجله من العبادات (ونسي المقابر والبلى -البلى بكسر الموحدة والقصر أو بفتحها والمد أي لم يستعد ليوم نزول قبره ولم يتفكر فيما هو صائر إليه من بيت الوحشة والدود-) أي من القبر يضمه يوماً ويحتوي على أركانه ويبلي لحمه ودمه (بئس العبد عبد عتا وطغى) أي بالغ في ركوب المعاصي وتمرد حتى صار لا ينفع فيه وعظ ولا يؤثر فيه زجر فصار إيمانه محجوباً والعتو التجبر والتكبر والطغيان مجاوزة الحد (ونسي المبتدأ والمنتهى) أي نسي من أين بدأ والى أين يعاد وصيرورته تراباً أي من كان ذلك ابتداؤه ويكون انتهائه هذا جدير بأن يطيع اللّه في أوسط الحالين (بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين) بتحتية ثم خاء معجمة فمثناة فوقية مكسورة أي يطلب الدنيا بعمل الآخرة بخداع كما يطلب الصائد الصيد من قولهم ختل الصيد إذا اختفى له وختل الصائد إذا مشى للصيد قليلاً قليلاً لئلا يحس به شبه فعل من يرى ورعاً وديناً ليتوصل به إلى المطالب الدنيوية بختل الذئب وللصائد فهذا عبد متضع مداهن قلت مبالاته بنفسه على الحقيقة إنما يبالي بما يعرض في العاجل فيطمس معالم الإيمان بحطام الدنيا وأوساخها يظهر الخشوع عند لقاء الخلق وتنفس الصعداء تحسراً على أدبار أمره ويظهر أنه في هيئة الزاهدين ويظهر الانقباض ليهاب ويكون في فريسته كالسباع والذئاب والختل الخداع والمراوغة (بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات) التي هي محل تعارض الأدلة واختلاف العلماء أو المكروه والمراد أنه يتشبث بالشبهات ويؤول المحرمات (بئس العبد عبد طمع يقوده) قال الأشرفي: تقديره وطمع ويمكن جعل قوله طمع فاعل يقوده متقدماً على فعله قال الطيبي: وهو أقرب (بئس العبد عبد هوى يضله) أراد الهوى القصور وهو هوى النفس (بئس العبد عبد رغب) بفتح الراء بضبط المصنف (يزله) بضم الياء وكسر الزاي بضبط المصنف أي حرص وشدة على الدنيا وقيل سعة الأمل وطلب الكثير قال القاضي: الرغب شره الطعام وأصله سعة الجوف بمعنى الرحب وإضافة العبد إليه للإهانة كقولهم عبد البطن ولأن مجامع همته واجتهاده مقصور عليه وعائد إليه. - (ت ك) في الرقاق (هب عن أسماء) فتح الهمزة وبالمد (بنت عميس) بضم المهملة وفتح الميم الخثعمية صحابية هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب قال البيهقي في الشعب: إسناده ضعيف انتهى وكذا ذكره البغوي والمنذري وصححه الحاكم وليس كما زعم فقد رده الذهبي وقال: سنده مظلم (طب هب عن نعيم) بضم النون ابن حمار قال الذهبي: والصحيح همار غطفاني روى عنه كثير بن مرة حديثاً واحداً قال الهيثمي: وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف. 3180 - (بئس العبد المحتكر) أي حابس القوت الذي تعم حاجة الناس إليه ليغلو فيبيعه بزيادة فإنه (إن أرخص اللّه الأسعار) [ص 213] أي أسعار الأقوات (حزن وإن أغلاها فرح) فهو يحزن لمسرة خلق اللّه ويفرح لحزنهم وكفى به ذماً ومن ثم حرم الشافعية الاحتكار وقال القاضي رحمه اللّه تعالى: السعر القيمة التي يشيع البيع بها في الأسواق سميت به لأنها ترتفع والتركيب لما له ارتفاع. - (طب هب عن معاذ بن جبل) وفيه بقية وحاله معروف وثور بن يزيد ثقة مشهور بالقدر. 3181 - (بئس) فعل ذم (البيت الحمام ترفع فيه الأصوات) فيتشوش الفكر عن الشغل بالذكر (وتكشف فيه العورات) أي غالباً بل لا يكاد يخلو عن ذلك لأن ما تحت السرة إلى ما فوق العانة لا يعده الناس عورة منهم لا ينفكون عن كشفه وقد ألحقه الشرع بالعورة وجعله كحريمها ولهذا يسن إخلاء الحمام وقال بعضهم: لا بأس بدخول الحمام لكن بإزارين إزار للعورة وإزار للرأس يستر عينيه عن النظر. - (عد عن ابن عباس) وفيه صالح بن أحمد القيراطي البزار قال في الميزان: قال الدارقطني: متروك كذاب دجال أدركناه ولم نكتب عنه وقال ابن عدي: يسرق الحديث ثم ساق هذا الخبر فما أوهمه اقتصار المصنف على عزو الحديث عدي من أنه خرجه وأقره غير صواب. 3182 - (بئس البيت الحمام بيت لا يستر) أي لا تستر فيه العورة عن العيون (وماء لا يطهر) بضم الياء وشد الهاء وكسرها أي لكونه مستعملاً عالباً وهذا تمام المرفوع منه ثم قالت عائشة عقب رفعها له كما هو ثابت في رواية مخرجه البيهقي: وما يسر عائشة أن لها مثل أحد ذهباً وأنها دخلت الحمام وقالت: لو أن امرأة أطاعت ربها وحفظت فرجها ثم آذت زوجها بكلمة باتت والملائكة تلعنها اهـ. - (هب) من حديث يحيى بن أبي طالب عن أبي خباب عن عطاء (عن عائشة) ويحيى أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب وأبو جناب هو يحيى بن أبي حية أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه النسائي والدارقطني اهـ. ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح وقال القطان: لا أستحل أو أروي عن حباب وقال الفارس: متروك الحديث. 3183 - (بئس الشعب) بالكسر الطريق أو الطريق في الجبل (جياد) قالوا: يا رسول اللّه لم ذلك قال: (تخرج الدابة) أي تخرج منه دابة الأرض (فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها من بين الخافقين) هما طرفا السماء والأرض أو المشرق والمغرب. - (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه رباح بن عبد اللّه بن عمر وهو ضعيف اهـ وفي الميزان فيه رباح بن عبد اللّه قال أحمد والدارقطني: منكر الحديث وفي اللسان قال البخاري: لم يتابع عليه رباح وذكره العقيلي وابن الجارود في الضعفاء. 3184 - (بئس الطعام طعام العرس يطعمه الأغنياء) استئناف جواب عن من سأل عن كونه مذموماً (ويمنعه المساكين) والفقراء فهو لذلك مذموم وقضيته أنه إذا لم يخص بدعوته الأغنياء ولم يمنع منه المساكين لا يكون مذموماً وهو ظاهر والإجابة إليه حينئذ واجبة. - (قط في فوائد ابن مردك عن أبي هريرة). [ص 214] 3185 - (بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف) أي لا ينزلونه عندهم للقيام بضيافته فإن الضيافة من شعائر الإسلام فإذا أجمع أهل محلة على تركها دل على تهاونهم بالدين. - (هب) وكذا الطبراني (عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي: مصعب قال رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة. 3186 - (بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقية والكتمان) أي يتقي شرهم ويكتم عنهم حاله لما علمه منهم أنهم بالمرصاد للأذى والإضرار إذا رأوا سيئة أفشوها وإذا رأوا حسنة كتموها وستروها ومن ثم استعاذ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ممن هذا حاله كما تقدم في أدعيته فيظهرون الصلح والأخوة والاتفاق وباطنهم بخلافه. - (فر عن ابن مسعود) وفيه يحيى بن سعيد العطار أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: بين الضعف عن سوار وقال النسائي وغيره متروك وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر. 3187 - (بئس الكسب أجر الزمّارة) بفتح الزاي وشد الميم الزانية كذا في الفردوس والنهاية والقاموس وغيرها فهو نهي عن كسب المغنية وقيل بتقديم الراء على الزاي من الرمز الإشارة بنحو حاجب أو عين والزواني تفعلنه قال ثعلب: الزمّارة البغي الحسناء (وثمن الكلب) ولو معلماً فإن أكله من أكل أموال الناس بالباطل لعدم صحة بيعه. - (أبو بكر ابن مقسم في جزئه عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً الديلمي. 3188 - (بئس مطية الرجل) أي بعيره فعيلة بمعنى مفعولة (زعموا) يعني كلمة زعموا أراد به النهي عن التكلم بكلام يسمعه من غيره ولا يعلم صحته أو عن اختراع القول بإسناده إلى من لا يعرف فيقول زعموا أنه قد كان كذا وكذا فيتخذ قوله زعموا مطية -[يتخذ قوله "زعموا" مطية، ليُحَمّله ما لم يتحقق من صحته بنفسه، فيروج هذا الكلام وإن كان كذبا. دار الحديث]- يقطع بها أودية الإسهاب وقيل سماه مطية لأنه يتوصل بهذا المقصود من إثبات شيء في المشيئة كما أنه يتوصل إلى موضع بواسطة المطية وأكثر ما ورد في القرآن فهو في معرض الذم وإنما صح الإسناد إليه والفعل لا يسند إليه لأن المراد منه هو المعنى دون اللفظ قال الخطابي: وأصل هذا أن الرجل إذا أراد الظفر لحاجة والسير لبلد ركب مطية وسار فشبه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ما يقدم الرجل أمام كلامه ويتوصل به لحاجته من قولهم زعموا بالمطية وإنما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا يثبت قدم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من الحديث ما هذا سبيله وأمر بالتوثق فيما يحكي والتثبت فيه لا يرويه حتى يجده معزواً إلى ثبت. - (حم د) في الأدب (عن حذيفة) قال الذهبي في المهذب: فيه إرسال وقال ابن عساكر في الأطراف: حديث منقطع لأنه من رواية عبد اللّه بن زيد الجرمي عن حذيفة وهو لم يسمع منه. 3189 - (بئس) فعل ذم (ما) نكرة موصوفة أي شيئاً كائناً (لأحدكم أن يقول) هو المخصوص بالذم (نسيت آية كيت وكيت) بفتح التاء أشهر من كسرها أي كذا وكذا أوجه الذم دلالة هذا القول على تفريطه بعدم ملازمة تلاوة القرآن ودرسه نسبة الفعل إلى نفسه وهو فعل اللّه أو هو خاص بزمن النبي صلى اللّه عليه وسلم إذ كان من ضروب النسخ نسيان الشيء الذي ينزل [ص 215] ويدل عليه قوله (بل هو نسي) فهو نهي عن نسبة ذلك إليهم وإنما اللّه أنساهم لما له فيه من الحكمة ذكره الخطابي كغيره، وقال الطيبي: قوله بل نسي إضراب عن القول بنسبة النسيان إلى النفس المسبب عن عدم التعاهد إلى القول بالإنساء الذي هو من فعل اللّه من غير تقصير منه أي لا تقولوا ذلك القول بل قولوا ما قيل في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم كما يشهد له ما روي عن عائشة رضي اللّه عنها سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً يقرأ بالليل فقال: يرحمه اللّه قد أذكرني كذا وكذا آية كنت نسيتها قال أبو عبيد: أما الحريص على حفظ القرآن المداوم على تلاوته لكن النسيان يغلبه فلا يدخل في هذا وقيل معنى نسي عوقب بالنسيان على ذنب أو سوء تعهده للقرآن من قوله تعالى - (حم ق ت ن عن ابن مسعود)
|